كل شئ ، أو لا شئ
كل شئ ، أو لا شئ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
مرحبا بكل من انضم إلينا ، مرحبا بقرائي القدامى ، وبالجدد ، و بمن كانت هذة زيارته الأولى
أهلا وسهلا ، وحياكم الله جميعا ...
موضوع تدوينة اليوم ، هو أشبه باعتراف !!
نعم إعتراف ..
فأنا اليوم أعترف أنني كنت حتى وقت قصير مضى من حياتي أطبق مبدأ كل شئ ، أو لا شئ !!
وفي الحقيقة مازالت هذة الفكرة أحيانا تحاصرني ، ولكنني أسعى للتحرر منها تماما بإذن الله ...
لم أكن أصلا مدركة لما يحصل معي ،ولم أتخذ هذا المبدأ عن علم ، أو عن قناعة ، ولم أقرأ عنه في كتاب ، ولا سمعت عنه محاضرة ، ولكنني اكتشفت أنني اطبقه دون انتباه مني ، ولم أكن أعرف أنني أدمر نفسي بهذا السلوك ، و أهز ثقتي بنفسي ..
بل وأعترف أنني تأخرت في إنجاز أعمال كثيرة بسبب هذا المبدأ ، والأسوء أنني أحجمت عن أعمال أخرى ، فلم أقدم عليها ولم أفعلها أصلا ...
هذا المبدأ الذي كنت أطبقه دون أن أعرف اسمه ، ودون أن أعرف عن وجوده أصلا ، و دون أن انتبه ، أو ينبهني أحد من حولي عنه اسمه ( كل شئ ، أو لا شئ ) ..
دعوني أشرح لكم بمثل بسيط :
كنت فيما مضى وقبل خوض أي أختبار مدرسي ، أو حتى في دراستي الجامعية أعتبر التحضير للإمتحان هو قراءة ، وفهم المنهج الدراسي كله من الغلاف ، إلى الغلاف ، وإسقاط أي سطر ، أو نسيانه ، أو عدم فهمه يعتبر بالنسبة لي فشلا ذريعا ، و يعطيني احساسا سيئا جدا ، فأدخل الإمتحان وفي داخلي خوف كبير ، وكل تركيزي هو على الجزء الذي لم أستوعبه ، أو الذي لم أراجعه !!
وفي بعض السنوات الدراسية ، كان الترتيب الأول بالنسبة لي هو النجاح ، وغير ذلك فهو والرسوب شئ واحد !!
مثال آخر على صعيد أصغر :
كنت عندما تظهر لي بثرة صغيرة ، في وجهي أنظر في المرآة فلا أرى سواها !! وأنسى أن الله قد منحني نعما كثيرة ، وأركز فقط في البثرة المؤقتة .
لماذا ؟؟
لإنني أريد كل شئ ، وأريده مثاليا ، وبدون أخطاء !!
الأمر ذاته تقريبا كان ملازما لي في كل شئ ، في الأشياء الصغيرة التافهة ، وفي الأشياء الكبيرة المصيرية ، أنا فقط لا أحب الحديث كثيرا عن حياتي الخاصة ؛ لإنني إنسانة أحب الخصوصية كثيرا ، وإلا لكنت ذكرت لكم إلى أي مدى أثر هذا التفكير في حياتي الشخصية ...
هذا النمط ، أو هذا السلوك اللاواعي بالفعل عذبني طويلا ، و كثيرا جدا ...
حتى جائت اللحظة التي كنت أقرأ فيها كتابا اسمه 100 سر من أسرار السعادة ، أتذكر أن الكتاب كان نسخة إليكترونية ، وقرأته من اللابتوب ، كان الكتاب لمن لا يعرفه مقسما ل 100 نصيحة ، أو 100 سر ، كلها تتمحور حول أساليب التفكير البسيطة ، التي تجعل الحياة أسهل ، وأبسط ، وبالتالي بالطبع أسعد ...
الفكرة التي حررتني (تقريبا ) بفضل الله ، وكرمه من تفكيري الخاطئ الذي حجب عني حدائق السعادة لسنوات طويلة كانت فكرة طرحها الكاتب كالتالي :
أتذكر أنه في هذا الكتاب تحدث عن رجل لديه كراج ، أو مخزن ملحق بالمنزل ، وهذا المكان شديد الفوضى ، وبحاجة ماسة للتنظيم ، وهو في كل يوم يقف أمامه ، يراقبه في ضجر ، ثم يعود ولم ينجز أي شئ ..
لماذا ؟؟
لإنه يدرك أن العمل فيه يستغرق ساعات طويلة ، وهو يريد إنجازه كله مرة واحدة على أكمل وجه ...
(بمعنى آخر يريد كل شئ ، أو لا شئ) ..
ثم استرسل الكاتب قائلا :
إنه كان بإمكان هذا الرجل أن يقسم العمل على أجزاء ، ويقوم بترتيب المخزن يوميا حتى ينتهي من المهمة ، وبهذا يكون قد انجز العمل بدقة ، وبتعب أقل ، وبدون ضغط نفسي...
تلك الفكرة حررتني ، و ساعدتني لدرجة أنني إذا طلب مني أحد الحديث عن كتاب 100 سر من السعادة ، وتذكر أهم الأفكار ، فلا شك أنني من بين 100 فكرة خرجت بهذة الفكرة ، طبعا مع بعض الأفكار الأخرى ، ولكن هذة الفكرة هي أكثر ما كنت بحاجة إليه ؛ لإنها لم تقدم لي الحل فحسب ، بل شخصت لي الحالة التي سجنت نفسي فيها ، وحررتني من محاولة أنجاز أعمالي كلها دون أخطاء ، وتركيزي في التفاصيل ، وخوفي من الفشل ..
فالكمال لله وحده ، وهو ليس من صفات البشر ، والفشل نتيجة طبيعية لأي محاولة ، واحتمال حدوثها وارد ..
وهذا لا يعني أن لا أكون دقيقة في عملي أيا كان ، ولكنه يعني ، أن أتقبل النتائج بعد أن أحاول ما في وسعي ، وفي حدود قدرتي ، وإمكانياتي ، دون التفكير المجهد بالفشل الذي قد يحدث ، وقد لا يحدث ..
كما أن العمل الذي يمكن القيام ببعضه ، هو خير من تركه كله ..
خير مثال على هذا يبدو جليا واضحا في ديننا الحنيف ، الجميل فمثلا : من لا يستطيع القيام بالصلاة المفروضة واقفا ، أو قائما ، لمرض أو لعجز ، فهو لا يزال مكلفا بها ، و يصليها جالسا ، فإن لم يستطع فمتكئا ، المهم أن لا يدعها كلها ...
◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆◇◆
في خلال سردي للقصة ، أخبرتكم أن فقرة من فقرات كتاب 100 سر من أسرار السعادة ، حررتني ( تقريبا ) من فكرة كل شئ ، أو لا شئ ، و استعملت كلمة تقريبا ، لإن هناك شيئا آخر ، أو فكرة أخرى ساعدتني بفضل الله ...ولكنني سأؤجل الحديث عنها لتدوينة أخرى بإذن الله تعالى..
أرجو أن تكون هذة التدوينة مفيدة ، وأن لا يقع أحد منكم فريسة في براثن فكرة كل شئ أو لا شئ ، لإنها فكرة مدمرة ، تستهلك الجسد ، وترهق النفس ، و توهن العزيمة ...
وحتى ألقاكم على خير ....
أطيب المنى
وفي أمان الله ....
posted from Bloggeroid
تعليقات
إرسال تعليق