يوم في حياتي ( ألتقيت مع صديقاتي)

لم أستطع النوم تلك الليلة التي سبقت ذلك اللقاء بيني وبين صديقاتي ، ولكن لم يكن الحماس فقط هو السبب ، بل كان للأرق حضور كبير !!

استيقظت في الصباح متأخرة قليلا عن الوقت الذي كان مفترضا أن أصحو فيه ، ولكنني تداركت الأمر ، وجهزت نفسي بسرعة ؛ إرتديت ثيابي التي حضرتها من الليلة الماضية ، ولم أبالغ في الأناقة ؛ لإن لقائي مع صديقاتي هو لقاء مودة وليس لقاء تفاخر وتباهي ، ضايقني قليلا شحوب وجهي ، فأنا لم أنم جيدا ، والساعات القليلة التي نمتها صباحا لم تمنحني الحيوية التي أحتاجها ، كنت أود أن تراني صديقاتي بخير ، وبصحة جيدة ؛ لإن بعضهن لم التقي بها منذ سنوات ،ولست أدري متى تكون المرة القادمة التي سنلتقي فيها مرة ثانية ....
اخترنا الفترة الصباحية للخروج ، فهي ربما أكثر أمانا ، إلا أنها لا تخلو من الخطر في بلادنا التي تحكمها قوانين البقاء للأقوى !!

أخترنا مكانا مخصصا للفتيات فقط ، وبخدمات نسائية ، ومكان بهذة المواصفات لا يتوفر بسهولة في بلادنا التي لا تهتم برفاهية المواطن ، ولا بخصوصية المرأة التي من حقها أن تروح عن نفسها بين الفينة، والفينة دون أن تنالها أعين المتطفلين ، أوتسمع ما يعكر صفوها من أفواه السفهاء ،و الجاهلين ..
قطعنا مسافة لا بأس بها وسط الزحام والقيادة المتهورة ،والخرق
المتعمد لكل قوانين المرور من بعض السيارات حولنا  ، ووصلنا بفضل الله ولكننا تأخرنا قليلا بسبب الإزدحام الشديد الذي كان بجانب المكان الذي سننزل فيه ، والذي تسبب فيه طابور الذل والمهانة الذي يقف فيه المواطنين كل يوم بالساعات الطويلة أمام البنوك أو أجهزة السحب الآلي ليسحبوا من أرصدتهم المسروقة بعض المال حسب سقف السحب المحدد لذلك اليوم .
كاد هذا المنظر أن يفسد علي فرحة لقائي بصديقاتي ، ولكنني حاولت أن أسيطر على مشاعري وصعدت الدرج لأصل للطابق المخصص للسيدات فقط ..
وجدت إحدى صديقاتي الغاليات قد سبقتنا بالفعل .
مضى وقت طويل لم ألتقيها فيه ، ربما ست سنوات !!
إلا أننا كنا على قدر ما من التواصل بالهاتف ، هذا هو الحال تقريبا بيني وبين كل صديقاتي ، ولكنه على الأقل أفضل من لاشئ ..


للأسف لم تتمكن كل صديقاتي اللواتي أخبرناهن على الموعد من الحضور بسبب ظروف خاصة ، ولكن ورغم غيابهن كانت أسمائهن حاضرة بيننا ، في أحاديثنا ، وتمنيننا وجودهن معنا ..
كان اللقاء جميلا ، دافئا ، ومليئا بالأشواق ، والضحكات ، والدموع ..
صديقاتي وأنا في ساعات قليلة تذكرنا ذكريات من الماضي جمعتنا ، و أخبارا من حاضرنا لم نعشها معا نسردها كل على عجل ؛ لعل الوقت يتمهل حتى نحكي حكايانا !
في ساعات قليلة ابتلت أعيننا بالدموع ،و لكننا لم نتوقف على ضفاف الحزن طويلا ، وانتقلنا من ضفة إلى ضفة ..
ضحكنا ، أكلنا ، وشربنا ، وأخذنا صورا معا ، ورغم أن ذاكرتنا أقوى وأفضل من ذاكرة الهاتف كما قالت إحدى صديقاتي أثناء انشغالنا بهواتفنا ، إلا أننا على ما يبدو اعتدنا على توثيق اللحظات لنستمع بها لاحقا حين يأخذنا الحنين لمن نحب ..

كان المكان شبه خاليا إلا منا ، ومن النادلات ، والمشرفات على المكان ، و القليل جدا من الفتيات ،
لم أشعر من قبل بهذا القدر من الحرية خارج المنزل ، فلا أعين جريئة تلاحقنا ، ولا آذان متطفلة تسمعنا ، وطاب لنا اللقاء بدون إزعاج من أحد ...

سألت نفسي في استغراب لماذا المكان فارغا هكذا ؟؟

يبدو أنها أزمة الإفلاس التي اكتسحت البلاد فجعلت الإزدحام فقط أمام المصارف ، وزادت نسبة المتسولين في الشوارع ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ...

ورغم كل هذة الأزمات وغيرها ، ورغم الحرب التي دمرت البلاد ، رأيت في عيون صديقاتي الفرح ، و لم تفارقهن الإبتسامة ....
أقرأ ملامحهن ، أغوص في عيونهن أكثر ، فأرى قصصا لم ترو ، أرى خيبات آمال كثيرة ، أرى خوفا ، و حزنا ، و لكنهن مسكونات بالأحلام ، و معطرات بشذى الأنوثة ..
رأيت فيهن الرقة ، والقوة ، والحياء ، والشجاعة ، والأمل ، والتفاؤل رغم كل شئ ..

مضت الساعات بسرعة مثل كل ساعات الفرح ، ورغم أن عيوني كانت لا تغادر الساعة معظم الوقت( كعادتي ) ؛ إلا أن الوقت طار فعلا دون أن نشعر به ...
وجائت لحظة الوداع التي لا بد منها ، وافترقنا على المحبة ، نوصي بعضنا بالدعاء لبعضنا ، ونجدد عهود التواصل التي نعلم أن الحياة كفيلة بنقضها جميعا بمشاغلها ، ومشاكلها ..
لكن الصداقة الحقيقية تظل على مر الأيام ، مهما ابتعدنا ، أو أخذتنا دوامة الحياة ..

ودعت صديقاتي بحب ، ولست أعلم متى سنلتقي مرة أخرى !!

كل ما أعرفه أنني كنت أحتاج هذا اللقاء الذي ضخ في عروقي بعضا من الحياة ، وأرجع لي ذكريات من عمر مضى
..
26_7_2016



ملاحظة :
تعمدت عدم نشر أي صور لها علاقة بلقائي مع صديقاتي ، كصور للمكان ، والطعام ، أو صورمشفرة لنا أو صور  أيدينا ، او أحذيتنا أعزكم الله !!!
لإنني أشاهد هذة الظواهر بكثرة عبر مواقع اللاتواصل الإجتماعي ، وهي تثير عندي شعور الغثيان ، وانا ضدها بالكامل ، وأتمنى أن تختفي ؛ لإنها اغتالت خصوصية اللحظات الجميلة وجعلتها معرضا يجوله كل وارد ، وعززت بداخلنا مشاعر التباهي ، والتفاخر ، والتعالي على بعضنا البعض بما نملك من متاع الحياة ..


حتى ألقاكم على خير بإذن الله ..
أطيب المنى ..
وفي أمان الله ♥

posted from Bloggeroid

تعليقات

الأكثر قراءة

تجربتي وتقييمي لبعض منتجات dr-organic

تجربتي ورأيي في كريم الشعر بالمرز بجوز الهند

أفضل زيت للبشرة من تجربتي الشخصية

إستخدامات أخرى لغسول سافوريل !!