خواطر حول كتاب اعترافات زوج خائن

إعترافات زوج خائن هو كتاب للدكتور "نبيل فاروق" 

كتاب قصير يحوي نحو تسعين صفحة ، إلا أنه ضمَّ بين دفتيه أهوالا صعقتني ، و أنا التي ظننت أنه لن يفاجئني شيء بعد في الحياة ..

   صورة لغلاف الكتاب من موقع جودريد 

قصتي مع الكتاب جائت عندما تحدثت عنه الأستاذة  خلود الغفري في إحدى مقاطع الفيديو من هنا التي حذرت فيها النساء من الوقوع في شباك رجل صياد ، و كيف أنها قرأت كتابا لشخص كتب مذكراته حول علاقاته النسائية المتعددة ، و كيف أنه ينصب شباكه حول أول مرأة تعطيه أذنها ، و تستمع له ، و تظهر أدنى درجة من درجات "التعاطف" ، و لو على سبيل المجاملة ، ثم ذكرت اسم الكتاب لمن تحب أن تقرأه ..
حملت الكتاب ، و تركته في المحفوظات لفترة طويلة ، و لم أفكر في قرائته ، ثم وجدته بالأمس أثناء بحثي عن ملف آخر ، و قررت أن أقرأه ..

الصورة من صفحات الكتاب من استروجينات

_في الحقيقة أنا لست قارئة نهمة ، بمعنى أن علاقتي بالكتب ليست قوية ، 
أقرأ على مهلي فقط ما يعجبني لكن هذا الكتاب شدني لدرجة أنني أنهيته في يوم واحد ، و هذا الأمر شبه مستحيل بالنسبة لي ..

الكتاب لم يحمل بين دفتيه تجربة رجل خائن فحسب ، بل إن الخيانة الزوجية كانت آخر محطة وقف بها في حياته ، و إنما حمل الكتاب تجربة إنسانية ، تربوية ، بل و مجتمعية ، و أكثر من ذلك بكثير ..

الكتاب صاغه الدكتور نبيل فاروق بأسلوبه السهل ، البسيط الذي تعود عليه أجيال كاملة منذ الطفولة ، و نقل فيه تجربة هذا الرجل ، و الذي كان زميله في كلية الطب باتفاق مشترك بينهما ، و كان الهدف منه التوعية ، و تسليط الضوء على قضايا كبيرة أدت لوقوع هذا الرجل في مستنقع الإنحراف ..
و ربما من الغريب أن يفكر رجل فاسد في أمر كهذا ، و لكن الأغرب أنه يقول بأنه يشعر ببعض الخير بداخله ، شعاع من نور لم ينطفئ ؛ فهو كان يدرك أن ما يقوم به مجانب للصواب ، و لكنه بالرغم من ذلك أستمر فيه على أي حال !! 
و لكن من أين كانت البداية يا ترى ؟ 

البداية  كانت من المنزل ، فقد كان بطل القصة الولد الذكر الوحيد لوالديه ، مع أخت وحيدة أيضا . 
أسرة تقليدية ، أب متفاني في عمله خارج المنزل ، و أم مطحونة بداخله تلبي طلبات الجميع ، و المقابل هو أن يحصل الأبناء على أعلى درجة علمية ممكنة ، و يدخلوا أفضل الجامعات ، بغض النظر عن أي شيء آخر ..
لست هنا ألوم هذه الأسرة البسيطة ، فأخته مثلا نشأت نفس نشئته ، و لكنه لم يذكر أنها انجرفت وراء أي شيء غير أخلاقي ، بل أنه بالكاد ذكرها في تفاصيل قصته كلها ..
لست ألوم الأهل و لكن من غير المعقول بالنسبة لي على الأقل أن يكون إبنك مراهقا و يدخن السجائر خلسة ، و لا تنتبه لذلك حتى من رائحته عندما تحضنه ، هذا إذا كنت تحضنه أصلا 💔 !! 

هنا كانت بدايات التمرد، و الإنحلال عنده ، عندما شعر أن تدخين بعض السجائر دون أن يكشفه أحد هو أمر مثير ..

ثم كانت زيارات ذلك القريب الذي يعمل في البحر ، و الذي كان يكبره بسنوات ، و الذي كان له أسوء أثر في تكوين شخصيته ..
لقد سمح الوالدان لإبنهما المراهق أن يرافق شخصا لا يعرفون عن أخلاقه شيئا ، و إن كان قريبا لهم ، فتلك السفرة التي ذهب فيها معه للإسكندرية و التي جرب فيها كل أنواع المنكرات دفعة واحدة ، أزالت ماء الحياء عن وجهه تماما ، و أحرقت قلبه الذي كان لايزال عودا طريا ، أخضر .
ثم عاد بعدها لمنزل العائلة ، دون أن يلاحظ أحد أن الإبن يشرب الخمر ، و بعض أنواع المخدرات ، و هو اعترف بنفسه أن والده كان يريد منه فقط علامات دراسية عالية ، و قد كان يحصل عليها ليرضيه ، و يضمن عدم محاسبته له ! 
و بالفعل حصل على معدل عال جدا في الثانوية العامة يؤهله بجدارة لدخول كلية الطب البشري ..
و لا أعرف صدقا كيف كان يعيش كل ذلك الفجور ، و بالرغم من ذلك استطاع التفوق في كل سنوات دراسته ! 
و المؤسف أيضا أنه كان مجاهرا بمعاصيه بكل فخر لكل من يعرفه من الزملاء ، بل و يعتبر ذلك ميزة تجعلهم يسودهم ، و يترأسهم ، بل إنه كان يقودهم لنفس الطريق المعوج التي يسير فيها ..

اعترف صاحبنا أنه لم يترك بعد تلك العطلة الصيفية في الإسكندرية  ، فتاة في المدرسة الثانوية ، أو بنات الجيران  إلا و حاول أن ينال منها ما يستطيع (مع مراعاة عرف القرية التي تربى فيها ، و التي تختصر العذرية في شيء واحد ) ، و أن الحب ، و العاطفة هو آخر ما يخطر على باله في حياته اتجاه أي أنثى  ، و أنه لم يشعر بهما اتجاه أي أمرأة ، و لا حتى زوجته ، و السبب كما قال هو كان التجربة الأولى ، و التي كانت مع فتاة رخيصة ، و كانت مقترنة بالخمر ، و المخدرات ، فمات قلبه في العمر الذي كان من المفترض أن يزهر بحب عفيف يطمح فيه بنظرة ، أو رسالة بريئة ، أو حتى اتصال قصير في الهاتف يرتجف فيه كيانه ، و يضطرب قلبه لأول كلمة أحبك ! 

دخل إلى كلية الطب البشري ، و مصروفه الذي كان يتقاضاه من والده كان كافيا ليصرفه على بعض الملذات ، و أشار هو أن المال ، مع الحرية المفرطة ، و الثقة في غير محلها أدت إلى تماديه في المعاصي !

سارت الأمور على مايرام على الصعيد الدراسي ، كما ألتحق بفريق التمثيل ؛ ليزيد من شعبيته بين الفتيات من حوله ، لكن  الطبيعة الجادة لفتيات كلية الطب لم تستهويه بما يكفي ، مع أنه اعترف أنه عاش تجارب مشبوهة عديدة ، و لكنها لم تكن بالمستوى الذي يريده ، كما أن سمعته تلوثت في كليته لدرجة أن الفتيات صرن يعلمن أنه مجرد شخص متلاعب ؛ فذهب لكليات أخرى ، و عاش فيها نزواته الجامحة ، و كان لقب طالب طب بمثابة الطعم الذي اصطاد به الكثير من الفتيات الجامعيات من تخصصات أخرى !! 

في تلك الأثناء كان والده قد وقع عقدا للعمل في دولة السعودية ، و سافر تاركا له في عنقه والدته ، و أخته الوحيدة أمانة  ، كما سلمه قانونيا التصرف في حسابه البنكي ، و الذي سيرسل فيه كل الأموال التي سيجنيها من  بلد الغربة من أجل حياة مادية أفضل للعائلة ..
ليقوم الأخير بسحبها كلها أولا بأول ليصرف ببذخ ، و إسراف على كل ملذاته ، و مجونه ، بل و على  ملذات شلة الفساد كلها  ، و قد  قال أن الوضع الاجتماعي المرموق الذي وصل إليه مكنه من التقرب من سيدات مجتمع ثريات متزوجات !!!!! 
و تكلم بالتفصيل عن إحدى هذه العلاقات ، و التي جعلتني في حالة شديدة من الصدمة ، و لم أستطع أن أستوعب الأسباب التي دفعتها للإقدام على هذه الخيانة على هذا النحو البشع ، و لم أفهم أيضا كيف سأل هو نفسه هذا السؤال رغم أنه شريكها فيما تفعل ؟؟؟ 
لكن الأكيد أنها تعاني من ابتعاد حقيقي عن دين الله ، ابتعاد يجعل الله أهون الناظرين إليها و هي ، أو غيرها يقترف الإثم ، دون وجل ، أو خشية ، بل و تجد له ألف مبرر ، و العياذ بالله  !!! 

هذا الطبيب لم يفضح نفسه فقط في اعترافاته ، بل فضح دون ذكر أسماء نساء كثيرات كن صيدا سهلا في شباكه ، فهو لم يذكر مرة أنه تعثر في الحصول على امرأة أراد الإيقاع بها ، بل قال أنه كان يرتدي لكل إمرأة قناعا يناسبها ، و يسمعها ما تريد أن تسمع  هكذا بكل بساطة !! 

كم آسفني و آلمني عندما ذكر علاقاته الغير شرعية بإحدى زميلاته في الكلية و التي تمت بترحيبها التام ، و رغبتها الكاملة ، و التي أشار أنها الآن طبيبة ، و زوجة ، و أم !!! 
فهل يا ترى تعلمت أي شيئ من ماضيها الأسود ؟ و هل تابت ، و أنابت ؟ و ربت بناتها تربية صالحة حتى لا يقعوا في مثل ما وقعت فيه ، أم تراها حرصت على تربية أولادها حتى لا يتحولوا لذئاب بشرية كعشيقها السابق !!

أي أطباء هؤلاء اللذين سنسلم لهم أنفسنا ، و صحتنا أمانة بين أيديهم ، و هم لا يعرفون عن الأمانة شيئا ؟؟ 

بل و أي بشر  هؤلاء اللذين عاشوا حياة تشبه حياة قطط الشوارع ، بل و ربما في القطط حياء يفوق حيائهم ؟؟ 

كنت حتى قبل قراءة هذه الإعترافات أولي لكل صاحب مهنة طب مكانة مجتمعية خاصة ، و لم يتباذر لذهني أنه يمكن لطبيب أو طبيبة أن يكون بهذا المستوى المنحط ، مع حفظ المقام ، و الاحترام للأطباء المحترمين ، الملتزمين بشرف المهنة ، و قبلها مخافة الله ..

و ربما هذا هو نفس الخطأ المجتمعي ، و التربوي الذي وقع فيه والديه (التركيز على التحصيل العلمي ، و دخول كلية من كليات القمة ) ، أما الدين ، و الأخلاق ، فلا حياة لمن تنادي ..

و لكن المدهش أن هذا الطبيب نفسه كان لا ينسى أن يذكر بين الفينة و الأخرى ، و بين السطور سببا من أسباب انحرافه ، و كأنها رسالة منه لغيره ؛ ليجتنبها !!! 

عودة الأب و صدمته ، خيبة أمله في وحيده ، و طرده من البيت ..
مرحلة الإمتياز مع الفقر الشديد ، و الاستمرار في نفس نمط الحياة مع الممرضات !! 
ثم انتقاله للعمل في منطقة الصعيد ليحصل على مرتب أعلى ..
و لم ينس طبعا أن يترك بصمته هناك أي في المستشفى بعلم الجميع ، و تحت موافقتهم الضمنية .
 صدمني كذلك  تميزه في مجال العمل ، بل و مصداقيته المهنية ، فهو لم يكن يبيع الأدوية التي من المفترض أن تمنح للمرضى مجانا ، في حين فعل ذلك زملاء له ! 
إضافة إلى شعوره بالذنب بسبب طلب الشرطة منه في مرة تزوير سبب وفاة شخص ؛خوفا من مشاكل الثأر في الصعيد !!! 
ثم أنسحب من العمل كليا عندما شعر أن الفقراء هناك يتم استغلالهم ، و أن أجور الكشف مرتفعة 
شخصية متناقضة ، غريبة ، صعبة الفهم ، فهو ليس إنسانا جيدا ، لكنه ليس بشيطان،  و يبدو أن بعضا من الخير الذي خلقه الله فينا لايزال موجودا فيه ..

ترك هذا الطبيب على مايبدو مهنة الطب و اشتغل في وظيفة جديدة بمرتب جيد ، و أستمر على نفس النحو الذي كان عليه من قبل ، ينغمس في الموبقات ليلا ، و يذهب نهارا لجمع المال الذي يمكنه منها ! 

حياة مظلمة جعلته يحتك بشخصيات غريبة ، و يعرف قصصهم ، و خبايا حياتهم 
و لكن يراودني سؤال ؟ 
هذا الرجل لم يكن وحيدا أبدا و لا في أي مرحلة عمرية ، بل كان محاطا برفاق ، و نساء ، بمعنى أنه كان يجد طيورا من شاكلته يطير معهم ، هو نفسه أستغرب ذلك عندما بدأ في ارتياد الكازينوهات ، و الملاهي الليلية التي يدخلها  علية القوم ممن لديهم المال للسهر ، و الشرب ، و اللهو ، و كان يستغرب وجود فتيات شابات ، مرتديات أجمل الثياب ، يبقين خارج المنزل حتى الصباح ! 
أين دور أسرهن في تربيتهن التربية الصالحة ؟ 
بل و في حمايتهن من المزيد من الانزلاق في وحل الإنحراف ، و الفساد ؟ 
بل و أين قيمهن الداخلية ، و صوت ضميرهن ، و استشعارهن لمراقبة الله عز ، و جل لهن ؟؟ 

أستمر الطبيب الخائن في ذلك الطريق الذي سار فيه ، و شبّ عليه منذ نعومة أظافره ، و حتى لحظة كتابة الكتاب مرورا بحياته الزوجية ، و التي اعتبرها  قفصا يقيد حريته ، و سورا يحجب عنه السعادة ، حياته الزوجية التي لم يحترمها ، و لم يستمتع بها ؛ لإنه اعتاد أن يسرق ما يريد ، و يأخذه في الظلام ..
و لم ينس طبعا أن يبرر لنفسه خيانته مع المرأة التي سماها فتاته ، و التي كانت خطيبته السابقة ، ثم اصبحت عشيقته ، بحجة أن زوجته نكدية ، و عصبية ، و تستقبله بمشاكل البيت ، و الأبناء ..

لم أستغرب شخصيا أن تفشل حياته الزوجية ؛ لأن شخصيته الغير سوية ، و قلبه الذي لم يعرف الحب ، لا يستطيع أن يعيش ضمن إطار الزواج الذي لا يخلو من كونه مليئا بالمسئوليات المتتابعة ، و الذي يحتاج من الطرفين صبرا كبيرا ، و رغبة في التغيير ، و فهم الآخر ، و محاولة إرضاءه ، بل و إسعاده في كثير من الأحيان  ، و يحتاج للكثير من التواصل ، و التنازل ، و التغاضي و الصبر على طباع الآخر ، و إعطاء الفرصة تلو الفرصة لتستمر الحياة بحلوها ، و مرها ، أو لا تستمر ، و لكن الأكيد أن لا أحد مجبر على ابتلاع الخيانة طول حياته ..

صاحبنا  لم يبدِ أي نية للتوقف ، أو التوبة ، و التغيير لا من أجل نفسه ، و لا حتى لأجل أسرته ، و نسي ، أو ربما يحاول أن يتناسى ، أن ما يفعله قد يفعل به في عقر داره ، دون أن يعلم ، مع أنه أشار إلى نقطه كهذه في خلال سرده ، قائلا ما معناه أنه توجد ثغرة ما في منزل آخر لا يعطي فيها الزوج كل اهتمامه بزوجته ، فيدخل منها هو بسهولة في علاقاته بالنساء المتزوجات ، أليس هذا معناه أن زوجته لديها مجال مفتوح للخيانة ؟؟
و لكن تبقى مخافة الله هي الفيصل في مثل هذه الأمور ..
من يخشى الله ، و يتقه يصبر مهما كانت الفرص موجودة أمامه ، و من لا يخشاه يعصاه ، و إن أغلقت كل الأبواب ..


كانت هذه خواطري حول كتاب اعترافات زوج خائن ..
أسأل الله له الهداية إن كان لا يزال على قيد الحياة ، و الرحمة إن كان قد غادرنا ، فأنا بالتأكيد لست القاضي ، و لا الجلاد ، و لا أريد لأحد من أمة محمد أن يلقى الله و هو عليه غضبان ..
أستغفر الله لي و لوالديّ ، و لكل من أسئت إليهم ، و لكل من أحسن إليّ ، و لكل من دعا لي بإحسان ، أو نفعني بخير ..
و حتى نلتقي في موضوع جديد ..
أطيب المنى ..
 و في أمان الله 🌷









تعليقات

الأكثر قراءة

تجربتي وتقييمي لبعض منتجات dr-organic

تجربتي ورأيي في كريم الشعر بالمرز بجوز الهند

أفضل زيت للبشرة من تجربتي الشخصية

إستخدامات أخرى لغسول سافوريل !!