أن تكون حاضرا في اللحظة

اليوم الثلاثاء ، الثاني عشر من شوال ، الثاني من شهر مايو ..

إنها حوالي الساعة الخامسة و النصف عصرا ..

أجلس بعد صلاة العصر ، في يدي هاتفي ، أكتب هذه الأسطر في مدونتي التي افتتحتها أول مرة في عام 2016 ..

بجانبي حاليا فنجان قهوة عربية ، قليلة السكر ، فيها بعض من البهارات المميزة كالزنجبيل ، و الكسبرة ، و القليل من الهيل ..

الجو ربيعي معتدل اليوم  ، و أشعر بنسمة  هواء باردة حولي ، تأتي من النافذة المفتوحة أمامي مباشرة .

جزء من شجرة الصنوبر يطّل من النافذة ، و هي تتمايل مع النسيم العليل ..

خزان ماء أبيض بلاستيكي لجيراننا يشارك بوضوح في المنظر أمامي ، و بعضا من حوائطهم الرمادية المملة أيضا  ! 

أسمع صوت العصافير و هي تزقزق بمرح ..

صوت وشوشات خفيفة 

أنه أخي يصلي صلاة  العصر على ما يبدو ..

حركة خافتة في البيت ..

 عادة قبيل هذا الوقت يستريح الجميع بعد تناول طعام الغذاء ، ثم يبدأون في الاستعداد لصلاة العصر  تباعا و في هدوء  ..

طعم قهوتي طيب ..

هناك صوت بعيد ، و لكنه مسموع لحركة مرور بعض السيارات من الطريق الفرعي أمام بيتنا ..

و أنا أكتب كل هذا لأساعد نفسي أن أكون حاضرة في اللحظة .

أن أدرك بحواسي ما يدور حولي ..

و الأهم أن أشعر  بما يدور في داخلي ..

أن أتصل مع قلبي ..

أن لا يمضي العمر بين ذكريات الماضي ، و التفكير القلق في المستقبل ..

أنه لظلم كبير لنفسي أن أعيش دون حياة !

أن أسمع ، و لا أفهم !

أن أرى ، و لا أبصر !

أن آكل ، أو أشرب و لا أتذوق ، و أستمتع !

أن أقرأ و لا أستوعب ! 

أن أشاهد ، و لا أتفاعل ! 

أن أفرح فلا أبتسم ! 

أن أحزن فلا أبكي !

أن أتعب فلا أمنح لنفسي الوقت لأتعافى !

أن أغضب فلا أتكلم ! 

أن أُجرَح فلا  أعاتِب !

أن يمضي العمر كله فأشاهده كشريط يمر  أمامي ، و كأنه لا يعنيني !! 

أدرك أنها ربما ساعة يقظة نادرة ، و أنني ربما سأغفل بعدها من جديد عن واقعي ..

و أعلم أن سطوري هذه قد لا تعني لأحد  أي شيء  سوى _أخي معاذ_  ربما !!!

لكنني أحببت أن أوثق أهمية أن أكون واعية بلحظتي ..

و لو للحظة واحدة .

و أقول : 

الحمد لله رب العالمين 

يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث

أصلح لي شأني كله ، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين .

محبتي 🌷