طلاق المشاهير و مهرجان الرياض !
طلاق المشاهير ..
لا أدري لماذا يبدو للناس ، و كأنه حدث مثير ، مختلف ، لافت للنظر !!
لا أدري لماذا يتحول من مسألة شخصية خاصة حدثت بين شخصين عاقلين بالغين ، و تمت غالبا باتفاقهما الكامل ، إلى قضية رأي عام ، فتتناقلها الصحف ، و المواقع الإليكترونية ، لتصعد الترند في غضون ساعات ، بل دقائق من إنتشار الخبر ..
ثم تتهافت القنوات التليفزيونية ، لتنسيق مقابلات طويلة مع المشهورة (التي انفصلت) لتروي لنا تفاصيل معاناتها ، و تقترب الكاميرا في مشهد درامي من عيونها الجميلة الممتلئة بالرموش الاصطناعية ، و العدسات اللاصقة ، و المكياج ، أقصد الممتلئة بالدموع ، و نننعععععم تحقق هدف المضيف بنجاح ، و تم إحراج الضيف و إرغامه على فضح ، اقصد البوح بالأسرار الخاصة ، مقابل المال ربما ، أو مقابل الشهرة ، أو مقابل الانتقام من الشريك السابق ، لا يهم !!!!
المهم أن الحلقة ستحقق مشاهدات عالية في ساعة العرض الأساسية ،و عند الإعادة ، و عند بثها لاحقا على اليوتيوب ، و المنصات المختلفة ، و المستفيد بالتأكيد ليس نحن ..بل أطراف آخرون ..
نحن مجرد أرقام بالنسبة لخوارزمياتهم ، مجرد وسيلة لتحقيق اهدافهم ..
لماذا لا يتم تسليط الضوء على آلام النساء المهمشات اللواتي يعشن الظلم الحقيقي ؟
هناك نساء كثيرات أحق بذلك التعاطف !
هناك نساء في نفس تلك المجتمعات التي تحب الرقص فوق احزان البشر تمر بزواج فاشل لا تستطيع الخروج منه بسبب الخوف من الفقر ، أو العار ، أو من أجل الأطفال ، أو لعدم وجود دعم معنوي أسري ، و مجتمعي كافي ، أو مرت بطلاق ظالم تم بإختيار طرف واحد لأسباب قد تكون تافهة و لا ضمان للمرأة في ذلك الطلاق لحقوقها المادية ، و لا لحقوق اطفالها ، بل و قد يتم حرمانها منهم ، ليلومها الجميع بعد ذلك و يشعرها بالنقص ، و الخطيئة ، و يحطمها أكثر بالكلام ، و بالتضييق عليها في كافة مناحي الحياة التي كانت بالأساس صعبة ، فتصبح أنفاسها محسوبة عليها ، أو عنوسة تعيسة ، و وحدة مخيفة بسبب ارتفاع تكاليف الزواج ، و عدم توفر المساكن ، أو غير ذلك من الأوضاع الاجتماعية تلك التي تحبون الحديث عنها و لكن فقط عندما تحدث مع المشاهير !!
هؤلاء المشاهير بالمناسبة لا يحتاجون لتعاطفنا ، فلديهم من الضمانات ، و الأموال في حساباتهم البنكية ، ما يكفيهم ليكونوا بخير ، و يتمتعوا بحياة مستقرة مهما حدث ، بل إن بعض المشهورات اللواتي انفجرت السوشيال ميديا لطلاقها منذ فترة ، و بعد أن حظت بتعاطف الشعوب العربية ، فاجئتنا بزواجها الثالث قبل أن تجف دموعها من صدمة خيانة زوجها السابق ، و ليست عندي أي مشكلة في أن تتزوج ، فتلك حياتها ، و هي حرة فيها ، لكن المشكلة الحقيقية ، أن هذه المشهورة بالذات ، و التي بكت ، و أبكت الجمهور على المسرح بعد طلاقها ، و كسبت ملايين المشاهدات على الألبوم الذي أطلقته في ذلك الوقت ، لم تبد أي تعاطف تجاه أبناء وطنها عندما كانوا تحت الأنقاض جراء الزلزال الذي حدث في فبراير الماضي 2022 ، بل و استمرت في الخروج في برنامجها السخيف الذي كان يعرض بشكل "مباشر" في ذلك الوقت
، مكتفية بارتداء فستان أسود أنيق ، مع مكياج ، و تسريحة شعر ، أو باروكة جميلة
، و عبرت عن نفسها قائلة أن وجودها بالبرنامج هو طبطبة للناس التي تتألم ، و أن وجودها ، و قوتها يمنحهم القوة التي يحتاجونها !
هي على الأغلب تتخيل أنهم يشاهدونها من تحت الركام ؟
ولكي أكون حسنة الظن فأنا أعتقد أنها ربما ألقت لهم ببعض المال الذي حصلت عليه من العبث ، و التهريج الذي تقوم به في تلك البرامج السخيفة ..
تلك المشهورة نفسها ، و التي تحسب نفسها على المناضلين ، الشرفاء ، تحيي الآن حفلات مهرجان الرياض ، الذي يعلو صوته محاولا إخفاء أصوات القنابل ، و الصواريخ التي تُلقى على غزة كل ساعة ، محاولا إغفال العقول عن استيعاب اللامعقول الذي نعيشه ، مهرجان الرياض الذي يحاول أن يجعل الأنظار تتجه إليه بأضوائه ، و بهرجه ، و زينته ، حتى لا نرى المسجد الأقصى ، و هو يضيع منا ، و حتى لا نرى ، و لا نسمع نداء إخوتنا و هم يصيحون بأعلى صوت أين أنتم يا أخوتنا العرب ، و المسلمين ..
و حسبنا الله و نعم الوكيل ..
ماذا سنقول غدا لله ؟
ماذا سنقول اليوم لإخواننا في الدين ؟
هل نخبرهم أن الدول القوية ، الثرية ، صاحبة النفوذ ، و السلطة ، و السيادة ، أدارت وجهها عنكم ، و انشغلت بمتاع الدنيا ، و زينتها ؟
هل نخبرهم أن جارهم قد أقام الأفراح ، و الليال الملاح ، بينما هم يدفنون شهدائهم ، و يضمدون الجراح ؟
ماذا نقول يا أقصانا ؟
ماذا نقول يا فلسطين ؟
ماذا نقول يا غزة ؟
يا ما تبقى من عزتنا ؟
و يعجز اللسان عن قول المزيد ..
تعليقات
إرسال تعليق